الميت عمل وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الأعمال بالنيات" وصح عنه أنه قال: "لا عمل إلا بنية" ولا سيما إذا كان العمل قربة من القرب وغسل الميت واجب على الأحياء يؤجرون عليه كما يؤجرون على سائر الواجبات فلا وجه لعدم إيجاب النية.
وأما أن الميت ييمم للعذر فلم يرد بذلك دليل والتيمم إنما شرعه الله للأحياء ولم يشرعه في غسل الأموات فمن تعذر مسحه خشية أن يتفسخ ثم تعذر صب عليه الماء لذلك فلا غسل له ولا واجب على الأحياء بل يدفن كما هو.
[فصل
ثم يكفن من رأس ماله ولو مستغرقا بثوب طاهر ساتر لجميعه مما لبسه ويعوض إن سرق وغير المستغرق يكفن مثله.
والمشروع إلي سبعة وترا ويجب ما زاد من الثلث وإلا أثم الورثة وملكوه ويلزم الزوج ومنفق الفقير ثم بيت المال ثم على المسلمين ثم بما أمكن من شجر ثم تراب.
وتكره المغالاة وندب البخور وتطييبه سيما مساجده ثم يرفع مرتبا ويمشي خلفه قسطا وترد النساء] .
قوله: "ثم يكفن من رأس ماله بثوب" الخ.
أقول: قد حصل الاتفاق على أن الواجب في الكفن ثوب واحد يستر جميع البدن وأن ذلك مقدم على ما يخرج من التركة من دين وغيره فإن ألجأت الضرورة إلي أن يكفن في ثوب لا يستر جميع بدنه فللضرورة حكمها كما وقع في الصحيحين [البخاري "1276""، مسلم "940"] ، وغيرهما [أبو دأود "3155"، التنرمذي "3852"، النسائي "1904"] ، أن مصعب بن عمير قتل يوم أحد ولم يترك إلا نمرة إذا غطوا بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطوا بها رجليه بدا رأسه فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغطوا بها رأسه ويجعلوا على رجليه شيئا من الإذخر.
وإذا كان للميت تركة كان على المتولي لتكفينه أن يحسن كفنه كما أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه" [أخرجه الترمذي "995"، وابن ماجة "1474"] ، من حديث ابن قتادة وقال الترمذي إسناده حسن وأيضا رجال إسناده ثقات وهو أيضا ثابت في صحيح مسلم ["943"] ، من حديث جابر بلفظ: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" وورد أيضا الإرشاد إلي التكفين في الثياب البيض كما أخرجه أحمد ["5/342"، وأبو دأود "3878"، والترمذي "994"،وابن ماجة 3566"] ،من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البسوا من ثيابكم البياض فإنها خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم" وصححه الترمذي ["3/320"] ، وابن