"هم منهم"، وقد جمع بين هذه الأحاديث وما ورد في معناها بأنه يجب تقديم الدعوة لمن لم يبلغهم الدعوة ولا يجب إن كانت قد بلغتهم ولكنها تستحب فقط قال ابن المنذر وهو قول جمهور أهل العلم.

وهكذا تقديم الإمام دعاء البغاة عليه إلى الرجوع إلى طاعته لأنهم بغوا بسبب الخروج من طاعته فإن لم يرجعوا إلى الطاعة التي أوجبها الشرع للأئمة فقد بغوا وقد قال الله عزوجل: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] .

وأما كون الدعاء يندب أن يكون عليهم ثلاثا فلا دليل على ذلك وإن كان التكرير أبلغ في المعذرة وأدخل في الإنذار.

قوله: "وتنشر فيها الصحف".

أقول: هذه بدعة لم يرد بها الشرع ولكنه إذا رأى الإمام أن في ذلك مزيد تأثير من بغي وارعواء من فارق الحق فلا بأس به لأنها قد ترتبت عليه مصلحة.

وأما ما ذكره من ترتيب الصفوف فذلك أمر يرجع إلى الممارسين للحرب العارفين بما فيه رجاء الغلب وتمام النصرة فإن كان ترتيب المجاهدين صفوفا هو الذي يقتضيه التدبير أمر الإمام بذلك وإن كان الأنفع جعلهم كراديس أو تفريقهم في الجوانب أو خروج بعضهم إلى القتال ووقوف البعض الآخر ردءا له فعل ذلك.

[فصل

فإن أبوا وجب الحر بإن ظن الغلب فيفسق من فر إلا متحيزا إلى فئة ردءا أو منعة وإن بعدت أو لخشية الإستئصال أو نقص عام للإسلام.

ولا يقتل فان ومتخل وأعمى ومقعد وصبي وامرأة وعبد إلا مقاتلا أو ذا رأي أو متقي به للضرورة لا بمسلم إلا لخشية الإستئصال وفيه الدية والكفارة ولا يقتل ذو رحم رحمه إلا مدافعة عن نفسه أو غيره أو لئلا يحقد من قتله] .

قوله: "فصل: فإن أبوا وجب الحرب إن ظن الغلب".

أقول: هذا هو الذي ثبت في الأدلة الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر أمراء الجيش بالدعوة إلى الإسلام أو الجزية فإن أبوا قاتلوهم وأما تقييد ذلك بظن الغلب فلم يرد ما يدل عليه بل يجب القتال مع تجويز أن يكونوا غالبين أو مغلوبين والحرب سجال:

ومن ظن ممن يلاقي الحروب ... بأن لا يصاب فقد ظن عجزا

وأما إذا علموا بالقرائن القوية أن الكفار غالبون لهم مستظهرون عليهم فعليهم أن يتنكبوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015