عنهم كما في حديث أبي مريم الأزدي عند أبي داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتج دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة"، وأخرجه أيضا أحمد "4/231"، والترمذي "1332"، والحاكم من حديث عمرو بن مرة الجهني وهذا الوعيد عن الإحتجاب لا يختص بالإمام بل يعم كل من ولي شيئا من أمور المسلمين ولا يجب عليه استغراق الأوقات لأنه يحتاج إلى النظر في أمور المسلمين خاليا وتدبير ما يتعلق بهم ومفاوضة وقت طعامه وشرابه ونومه وما يمس حاجته إليه وقد أشار المصنف إلى بعض هذا بقوله: إلا في وقت حاجته وخاصة أمره.
قوله: "وتقريب أهل الفضل وتعظيمهم".
أقول: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجالس أكابر الصحابة ويشاورهم في أموره ويأذن لهم في أوقات لا يأذن لغيرهم فيها كما هو معروف بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلط نفسه بكثير من الصحابة ويجلس إلى أصل الصفة وهم فقراء المسلمين الذي لا أهل لهم ولا مسكن والأمر في هذا معلوم وفي تقريب أهل الفضل فوائد جليلة فيها أن الإمام يجري الأمور على ما عندهم من النظر فيما فيه صلاة المسلمين فإن فضلهم يقتضي ذلك وأما تعظيمهم فهو أيضا من حق المسلم على المسلم ومن تنزيل الناس منازلهم كما ورد بذلك الدليل الصحيح وأما استشارتهم فقد قدمنا الكلام على ذلك عند قوله أكثر رأيه الإصابة.
قوله: "وتعهد الضعفاء".
أقول: هذا من أهم الواجبات على الأئمة وأعظم معين عليه تسهيل الحجاب والبحث عن أحوالهم بثقات يرفعون حوائج المحتاجين إليه ويوصلون أغراضهم إلى مقامه وقد كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدور بالليل لمثل هذا المقصد فيأتي منازل الضعفاء والمحتاجين ويسألهم عن حالهم.
قوله: "ولا يتنحى ما وجد ناصرا إلا لأنهض منه".
أقول: الأنهضية هي باعتبار ما هو معظم المقصود من نصب الأئمة ومن ذلك حياطة المسلمين ودفع عدوهم والأخذ على يد ظالمهم وإنصاف مظلومهم وتأمين سبلهم وتفريق بيت مالهم فيهم على ما أوجبه الشرع فمن كان ناهضا بهذه الأمور ونحوها فيه يحصل مقصود الإمامة وينتفع الناس بولايته ويشملهم الأمن والدعة ويطيب عيشهم ويأمنون فيه على أنفسهم وأموالهم وحرمهم وإن كان غيره أكثر علما منع أو أوسع عبادة أو أعظم ورعا فإنه إذا كان غير ناهض بهذه الأمور فلا يعود على المسلمين من علمه وعبادته وورعه فائدة ولا ينفعهم كونه مريدا للصلاح وإجراء الأمور مجاريها الشرعية مع عجزه عن ذلك وعدم قدرته على إنفاذه.
قوله: "وأن يؤمر على السرية أميرا صالحا لها".
أقول: صلاح أمير السرية أن يكون عارفا بقيادة الجيش بصيرا بترتيب المحاربين في مواطن