ولا تقف الآيات عند الحديث عن وحدانية الذات، بل تتكلم عن كل كمالاتها بإثبات الصفات والآثار، ومن هذه الآيات قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} 1، وقوله {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} 2.

فتجد هذه الآيات وغيرها تعرف بأن الله موجود، قديم، حي، باقٍ، عليم، مريد، قادر، سميع، بصير، متكلم، وبإثبات هذه الصفات تنتفي أضدادها، والصفات وإن تشابهت ألفاظها مع مسميات صفات البشر إلا أنها ليست هي في الحقيقة؛ لأن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 3.

والقرآن الكريم لا يترك الداعية يبحث وحده عن الدليل الدافع إلى الإيمان، بل يوجه نظره إلى الآثار الإلهية في المخلوقات؛ ليتم إيمانه، ويحس طمأنينة خاصة تمر بين جوانبه، فلا يرى بعد ذلك إلا الخير المطلق يسري في داخل النفس وخارجها، والمخلوقات عديدة، والنظر فيها يبين الدقة الإلهية والعناية الربانية، ويؤدي إلى الإيمان المطلوب، فنفس الإنسان المركبة من باطن فيه جهاز هضمي، وآخر للتنفس، ومن ظاهر به حواس وجوارح، هذه النفس بكل أجزائها تقوم بوظيفتها بطريقة تلقائية.

وقد وزعت الأعمال في براعة ودقة على كافة الأجهزة؛ ليقوم كلٌّ بدوره، فالعين ترى، والأذن تسمع، واللسان يتكلم، والرجل تمشي، والأسنان تمضغ، والمعدة تهضم، والرئة تستنشق.

وهذا كله يشير إلى العناية والدقة الموجودة في خلق الله تعالى، وهو الأمر الذي جعل العلماء يرون في القرآن الكريم أدلة خاصة به سموها:

1- أدلة العناية والدقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015