وجاء في إحدى روايات البخاري في آخرها: "فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" 1.
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت من طريق حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك.
فقال: يا أنيس! اذهب حيث أمرتك؟
قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله2.
وهذا الصبر والرفق يزينه التواضع في خلقه، والمزاح -أحيانا- مع أصحابه، فالأمة من إماء المدينة كانت تأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت3، والقاصد إليه في بيته لا يجد على بابه بوابين4.
أما مزاحه صلى الله عليه وسلم، فكان تسرية لأصحابه عند همومهم أحيانا، ومداعبة لأطفالهم أحيانا أخرى، إلى غير ذلك من مقاصده الحميدة في هذا المزاح، ونذكر -كمثال على ذلك- موقفه مع علي رضي الله عنه حينما غاضب زوجته فاطمة رضي الله عنها، فخرج علي رضي الله عنه فاضطجع إلى جدار المسجد، فتبعه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو مضطجع، وقد امتلأ ظهره ترابا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره، ويقول: "اجلس يا أبا تراب" 5.
ويقول أنس رضي الله عنه: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ صغير