3- عظمة الْخُلُق:
كما اتصف صلى الله عليه وسلم بجمال الخِلْقَة اتصف بعظمة الخُلُق، يصفه أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي: أفٍّ قط!! ولا: لِمَ صنعت كذا؟ ولا: ألا صنعت كذا1.
وهذه الخدمة والملازمة من أنس للنبي صلى الله عليه وسلم لم تكن في الحضر وحده، أو في السفر وحده، وإنما كانت -كما يقول أنس- في الحضر والسفر2.
ولم يكن هذا الخلق الحسن قصرا على خدمه، وإنما كان هذا ديدنه مع كل من كان يأتي إليه، ويتعامل معه، فكان مثالا للصبر والحلم والرفق وتعليم الجاهل، وهذه نماذج منها:
عن أنس قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي، فجذبه بردائه جذبة شديدة، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء!! 3
وجاء أعرابي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المسجد، فقام يبول في المسجد، فزجره الصحابة "مه مه" فنهاهم عن ذلك، وقال: "لا تزرموه، دعوه" فتركوه حتى بال.
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن"، ثم دعا بدلو من ماء فشنه عليه4.