أحاطت قريش عبد مناف بالتفضيل والتكريم، ومن أشعارهم:

كانت قريش بيضة فتفلقت ... فالمح خالصة لعبد مناف

والمح: صفرة البيض، يشيرون بذلك إلى أن قريشا إذا انقسمت كالبيضة، فعبد مناف صفرتها، وهي أصل البيضة، وأكثرها منفعة.

يروي البلاذري أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع جارية تنشد هذا البيت وتقول:

فالمح خالصة لعبد الدار

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه:

كذا قال الشاعر؟

قال أبو بكر: لا، إنما قال: لعبد مناف.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كذاك" 1.

وهذا تأكيد لمنزلة عبد مناف، وقدرته في قومه.

و"قصي" والد عبد مناف اسم مصغر من "قصى" أي بعد؛ لأنه بعد عن قومه في بلاد "قضاعة" مع أمه حين تزوجت بعد أبيه في بني عزرة.. وقد عاد قصي إلى مكة بعد أن عير بغربته.. وعمل بعد أن شب على أن يكون أمر مكة لأهلها، فأبت خزاعة وبنو بكر، فقاتلهم قصي ومن معه.. حتى تصالحوا بعد ذلك على أن يكون الأمر لقصي وبنيه؛ لأنهم الأحق والأولى.

فلما جمع قصي قريشا قال لهم: هل لكم أن تصبحوا بأجمعكم "أي أنتم وبيوتكم" في الحرم حول البيت؟ فو الله لا يستحل العرب قتالكم، ولا يستطيعون إخراجكم منه، وتسكنونه فتسودوا العرب أبدا.

فقالوا: أنت سيدنا، ورأينا تبع لرأيك، فجمعهم ثم أصبح بهم في الحرم حول الكعبة2، وبنوا بيوتهم مجاورة للكعبة، وكانوا من قبل يبنونها بعيدا عن الشعاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015