أيها الناس، نحن آل إبراهيم، وذرية إسماعيل، وبنو النضر بن كنانة، وبنو قصي بن كلاب، وأرباب مكة، وسكان الحرم، لنا ذروة الحسب، ومعدن المجد، ولكل في كل حلف يجب عليه نصرته، وإجابة دعوته إلا ما دعا إلى عقوق عشيرة وقطع رحم.

يا بني، أنتم كغصني شجرة أيهما كسر أو حش صاحبه، والسيف لا يصان إلا بغمده، ورامي العشيرة يصيبه سهمه، ومن أمحكه اللجاج أخرجه إلى البغي.

أيها الناس، الحلم شرف، والصبر ظفر، والمعروف كنز، والجود سؤدد، والجهل سفه، والأيام دول، والدهر غير، والمرء منسوب إلى فعله، ومأخوذ بعمله، فاصطنعوا المعروف تكسبوا الحمد، ودعوا الفضول يجانبكم السفهاء، وأكرموا الجليس يعمر ناديكم، وحاموا الخليط يرغب في جواركم، وأنصفوا من أنفسكم يوثق بكم، وعليكم بمكارم الأخلاق فإنها رفعة، وإياكم والأخلاق الدنيئة، فإنها تضع الشرف وتهدم المجد، ألا وإن نهنهة الجاهل أهون من حزيرته، ورأس العشيرة يحمل أثقالها، ومقام الحليم عظة لمن انتفع به1.

وكان من أجمل الناس، وأحسنهم صورة، يتلألأ النور في وجهه كالهلال يتوقد، لم يره أحد إلا أحبه، وأقبل عليه.

و"عبد مناف" والد هاشم اشتهر بأفعال الخير، وأماجد الأعمال، وسمي بالمغيرة لقوته، وإغارته على الأعداء، وسمي بالقمر لحسنه وجماله.

وقد ساد في حياة أبيه، وبرز بآرائه في دار الندوة، وسُر به والده "قصي" وهو الذي سماه "عبد مناف" واستبدله بـ"عبد مناة" كما سمته أمه.

قام بعد أبيه قصي بالسقاية والرفادة، واشتهر بالحكمة وحسن السياسة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015