وأمرهم قصي أن يجعلوا أبواب بيوتهم جهة الكعبة، على أن يتركوا بين كل بيتين طريقًا يؤدي إلى الكعبة، وفي نهاية هذه الطرق تأسست أبواب الحرم بعد ذلك.
وقد جمع "قصي" لنفسه أمر الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، واللواء، وبذلك حاز الشرف في مكة كلها.
وبنى دارًا سماها "دار الندوة"، وجعلها مكانًا للاجتماع، والتشاور في كافة أمورهم الشخصية، والاجتماعية، والسياسة، وغيرها.
وقد فرض قصي على قريش مالًا يدفعونه إليه، وهو الذي يعرف بالرفادة، يصرفه على حجاج بيت الله تعالى، قال لهم: "يا معشر قريش، إنكم جيران الله وأهل البيت، وأصحاب الحرم، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما، وشرابا أيام الحج، حتى يصدروا عنكم، ففعلوا".
يقول ابن هشام: فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا، فيدفعونه إليه، فيصنعه طعاما للناس أيام منى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام، ثم جرى في الإسلام إلى يومنا هذا، فهو الطعام الذي يصنعه الولاة كل عام، ويقدمونه للحجيج بمنى حتى ينقضي الحج1.
وقد قسم قصي المهام الرئيسية في أولاده.. فأعطى عبد مناف السقاية والندوة، وأعطى عبد الدار الحجابة واللواء، وأعطى عبد العزى الرفادة والضيافة أيام منى.. وهكذا.
ومن أقوال قصي الحكيمة التي علمها أولاده:
"من عظم لئيما شركه في لؤمه".
"ومن استحسن مستقبحا كان معه".
"ومن لم تصلحه كرامتكم فداووه بهوانه، فذاك دواء يحسم الداء".