ولقب هاشما لأنه هشم الثريد لقومه بمكة وأطعمهم، وذلك أن أهل مكة أصابهم جهد وشدة، فرحل هاشم إلى فلسطين، فاشترى منها دقيقا كثيرا وكعكعا، وقدم بذلك إلى مكة فأمر به فخبز ثم نحر جزورا وجعلها ثريدا عم به أهل مكة، ولا زال يفعل معهم حتى استكفوا.

وهو أول من سن الرحلتين: ورحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام1.

ومن قبله كان تجار مكة لا يغادرون بلدهم، فركب هاشم إلى الشام، ونزل بقيصر، فلما علم به ملك الروم سأل عنه، وكلمه، وأعجب به، وجعل يرسل إليه ويدخله عليه.

فلما رأى هاشم مكانه منه قال له: أيها الملك، إن لي قوما وهم تجار العرب، فإن رأيت أن تكتب لي كتبا تؤمنهم، وتؤمن تجارتهم، فيقدمون عليك بما يستظرف من أدم الحجاز وثيابه؛ ليتمكنوا من بيعه عندكم، فهو أرخص عليكم، فكتب له كتاب أمان لمن أتى منهم، فأقبل هاشم بالكتاب فجعل كلما مر بحي من العرب على طريق الشام أخذ لهم من أشرافهم إيلافا.

والإيلاف أن يأمنوا وهم عندهم، وفي طريقهم، وفي أرضهم بغير حلف، إنما هو أمان الطريق، فأخذ هاشم الإيلاف فيمن بين مكة والشام، حتى قدم مكة فأعطاهم الكتاب، فكان ذلك أعظم بركة، ثم خرجوا بتجارة عظيمة، وخرج هاشم معهم يجوزهم، ويوفيهم إيلافهم، الذي أخذ لهم من العرب، فلم يبرح يجمع بينهم وبين العرب حتى ورد الشام2.

واشتهر هاشم بالدقة، والحكمة، ومكارم الأخلاق، ومن وصاياه الحكيمة لقومه وهو يخطب فيهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015