وعن أنس- رضي الله عنه- «أنّ رجلا سأله، فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى بلاده، وقال: أسلموا، فإنّ محمدا يعطي عطاء من لا يخشى فاقة» .
وحمل إليه صلى الله عليه وسلم تسعون ألف درهم، فوضعت على حصير، ثمّ قام إليها يقسّمها، فما ردّ سائلا حتى فرغ منها» .
وكانت لا تمنعه هذه العبادة والزهد في الدّنيا، والإقبال على الله بقلبه وقالبه، والاشتغال به، ومناجاته، عن دوام البشر، وطلاقة الوجه، وتفقّد القلوب، وملاطفة الناس، وإيتاء كلّ ذي حقّ حقّه، وذلك شيء لا يقوى عليه غيره.
وقد كان يقول: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» (?) .
وقد كان أوسع الناس صدرا، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، وكان يمازح أصحابه، ويخالطهم ويحادثهم، ويداعب صبيانهم، ويجلسهم في حجره، ويجيب دعوة الحرّ والعبد، والأمة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المعتذر (?) ولم ير مادّا رجليه بين أصحابه حتى لا يضيّق بهما على أحد.