مع الله ومع الخلق، وآيات الحسن والإحسان في تكوين خلقه وخلقه، وفي حبّه ورأفته، وفي دعائه وابتهاله، وفي تألّمه للإنسانية ومصيرها، وفي منطقه وحكمته، وفي جامعيته وكماله، يكاد يكون مستحيلا، وأنّ ما جاء في كتب السّير والشمائل- على جماله وروعته- هو بعض ما خصّه الله به من جمال السيرة وكمال الخلق والخلق لا كلّه، وإن جلّ ما هنالك أنها محاولات وجهود يشكر عليها هؤلاء المؤلّفون ويؤجرون عليها، وهي ثروة عامة خالدة، يجد فيها كل إنسان وكل جيل من البشر، وكل طبقة من طبقات الناس حظها من الهداية والنور والتقليد والاقتداء لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب: 21] .
لكلّ ذلك كنت أتهيّب الكتابة في السيرة النبوية والتأليف فيها، وأستعظمها وأستصغر نفسي.
وقد حثّني عدد من الفضلاء وكرام الأصدقاء (?) على أن أؤلّف كتابا في السيرة النبوية في اللغة العربية أراعي فيه عقلية الجيل الجديد وذوقه ومستوى فهمه ونفسيته، وما جد من طلبات وحاجات وأسلوب كتابي ومنهج علمي، فلكل عصر أسلوبه ولغته، ومقادير وترتيبات في الأدوية والأغذية، وذلك كما قدمنا، من غير إخضاع السيرة النبوية للأهواء والأغراض وللنظريات العلمية التي تتغير صباح مساء، والشبه والاعتراضات التي يدفع إليها التعصّب الدينيّ أو الجهل العلمي أو الغرض السياسيّ.
وشرح الله صدري أخيرا لهذا التأليف، فعكفت على هذا الموضوع