واختلف في عمره حينذاك، وقد روى الواقديّ أنّه كان في الخامسة والعشرين (25) من عمره «1» وقد روي أقلّ من ذلك «2» .

ولمّا بلغ صلى الله عليه وسلم ستّ سنين، خرجت به أمّه إلى مدينة يثرب، تزيره خؤولة جدّه فيها، وتزور قبر بعلها الحبيب عبد الله بن عبد المطّلب «3» ، وفي عودتها إلى مكّة أدركها الموت بمكان بين مكة والمدينة، اسمه «الأبواء» ، واجتمعت له وحشة فراق الأمّ الحنون ووحشة الغربة، وذلك الشأن معه من يوم ولد، وفيها من أسرار التربية الإلهية ما لا يعلمها إلا الله.

وعادت به أمّ أيمن بركة الحبشية إلى مكة، وسلمته إلى جدّه عبد المطلب، فكان مع جدّه، وكان به حفيا، يجلسه على فراشه في ظلّ الكعبة ويلاطفه.

فلمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين، مات عبد المطلب «4» ، فذاق مرارة اليتم مرة ثانية كانت أشدّ من الأولى، فإنّه صلى الله عليه وسلم لم ير أباه، ولم ينعم بعطفه وحنوّه، فكان الشّعور بفقده شعورا عقليّا تقليديا، وكان الشعور بفقد عبد المطّلب شعورا حسيا تجريبيا، والفرق بينهما واضح.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد المطّلب مع عمّه أبي طالب، وهو أخو عبد الله من أب وأمّ، وكان عبد المطّلب يوصيه به فكان إليه ومعه، وكان أرفق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015