كَانَ مَنْ رَامَهُرْمُزَ، وَكَانَ لَهُ أَخٌ أَكْبَرُ مِنْهُ غَنِيٌّ، وَكَانَ سَلْمَانُ فَقِيرًا فِي كَنَفِ أَخِيهِ، وَأَنَّ ابْنَ دِهْقَانِهَا (?) كَانَ صَاحِبًا لَهُ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ مَعَهُ إِلَى مُعَلِّمٍ لَهُمْ، وَأَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ الْغُلَامُ إِلَى عُبَّادٍ مِنَ النَّصَارَى فِي كَهْفٍ لَهُمْ، فَسَأَلَهُ سَلْمَانُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ مَعَهُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ غُلَامٌ وَأَخْشَى أَنْ تَنُمَّ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلَهُمْ أَبِي.

فالتزم لَهُ أَن لَا يكون مِنْهُ شئ يَكْرَهُهُ.

فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، كَأَنَّ الرُّوحَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُمْ مَنَ الْعِبَادَةِ، يَصُومُونَ النَّهَارَ وَيَقُومُونَ اللَّيْلَ، يَأْكُلُونَ الشَّجَرَ وَمَا وَجَدُوا.

فَذَكَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَابْنُ أَمَتِهِ، أَيَّدَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ.

وَقَالُوا لَهُ: يَا غُلَامُ إِنَّ لَكَ رَبًّا، وَإِنَّ لَكَ مَعَادًا، وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ جَنَّةً وَنَارًا، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ النِّيرَانَ أَهْلُ كُفْرٍ وَضَلَالَةٍ، لَا يَرْضَى اللَّهُ بِمَا يَصْنَعُونَ وَلَيْسُوا عَلَى دِينِهِ.

ثُمَّ جَعَلَ يَتَرَدَّدُ مَعَ ذَلِكَ الْغُلَامِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ لَزِمَهُمْ سَلْمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ أَجْلَاهُمْ ملك تِلْكَ البلاة، وَهُوَ أَبُو ذَلِكَ الْغُلَامِ الَّذِي صَحِبَهُ سَلْمَانُ إِلَيْهِمْ عَنْ أَرْضِهِ، وَاحْتَبَسَ الْمَلِكُ ابْنَهُ عِنْدَهُ، وَعَرَضَ سَلْمَانُ دِينَهُمْ عَلَى أَخِيهِ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ فَقَالَ: إِنِّي مُشْتَغِلٌ بِنَفْسِي فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ.

فَارْتَحَلَ مَعَهُمْ سَلْمَانُ حَتَّى دَخَلُوا كَنِيسَةَ الْمَوْصِلِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَهْلُهَا ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَتْرُكُونِي عِنْدَهُمْ، فَأَبَيْتُ إِلَّا صُحْبَتَهُمْ.

فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا وَادِيًا بَيْنَ جِبَالٍ، فَتَحَدَّرَ إِلَيْهِمْ رُهْبَانُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِمْ، وَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ غَيْبَتِهِمْ عَنْهُمْ وَيَسْأَلُونَهُمْ عَنِّي فيثنون على خيرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015