وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، ثُمَّ هُوَ مُنْقَطِعٌ بَلْ مُعْضَلٌ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ عبد الْعَزِيز وسلمان رضى الله عَنهُ.
قَوْله: " لَئِنْ كُنْتَ صَدَقْتَنِي يَا سَلْمَانُ لِقَدْ لَقِيتَ عِيسَى بن مَرْيَمَ " غَرِيبٌ جِدًّا بَلْ مُنْكَرٌ، فَإِنَّ الْفَتْرَةَ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهَا أَنَّهَا أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ، وَقِيلَ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ بِالشَّمْسِيَّةِ، وَسَلْمَانُ أَكْثَرُ مَا قِيلَ أَنَّهُ عَاشَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً.
وَحَكَى الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ إِجْمَاعَ مَشَايِخِهِ عَلَى أَنَّهُ عَاشَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَ لَقَدْ لَقِيتَ وَصِيَّ عِيسَى بن مَرْيَم فَهَذَا مُمكن بِالصَّوَابِ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: الرَّجُلُ الْمُبْهَمُ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَكَارَةٌ.
لِأَنَّ ابْنَ جَرِيرٍ ذَكَرَ أَن الْمَسِيح نزل من السَّمَاء بعد مَا رُفِعَ فَوَجَدَ أُمَّهُ وَاِمْرَأَةً أُخْرَى يَبْكِيَانِ عِنْدَ جِذْعِ الْمَصْلُوبِ، فَأَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ، وَبَعَثَ الْحَوَارِيِّينَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَإِذَا جَازَ نُزُولُهُ مَرَّةً جَازَ نُزُولُهُ مِرَارًا ثُمَّ يَكُونُ نُزُولُهُ الظَّاهِرُ حِينَ يَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَتَزَوَّجُ حِينَئِذٍ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جُذَامٍ، وَإِذَا مَاتَ دُفِنَ فِي حُجْرَةِ رَوْضَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قِصَّةَ سَلْمَانَ هَذِهِ مِنْ طَرِيق يُونُس ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ وَرَوَاهَا أَيْضا عَن الْحَاكِم عَن الاصم بن يحيى ابْن أَبِي طَالِبٍ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حَاتِم بن أَبى صفرَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن يزِيد
ابْن صَوْحَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ سَلْمَانَ يُحَدِّثُ كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ إِسْلَامِهِ.
فَذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً وَذَكَرَ أَنَّهُ