متقلدي سيوفهم قال: فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب.

فكان رسول الله يصلّي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم، ثم إنه أمر بالمسجد. قال: فأرسل إلى ملأ بني النجار فجاؤوا فقال: «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا» ، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى، قال أنس: فكان فيه ما أقول: كان فيه نخل وقبور المشركين وخرب. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطعت، وبقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت؛ قال: فصفّوا النخل قبلة وجعلوا عضادتيه حجارة، قال:

فكانوا يرتجزون ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم (?) وهم يقولون:

اللهمّ إنه لا خير إلا خير الاخرة ... فارحم الأنصار والمهاجره

وبقي المسجد النبوي على هذا الحال في خلافة الصدّيق رضي الله عنه، فلما كان عهد الفاروق عمر رضي الله تعالى عنه، واتسعت رقعة الإسلام، وكثر الوافدون إلى المسجد، وسّعه عمر وأبقاه على ما كان عليه في عهد الرسول من بنيانه باللبن، وسقفه بالجريد، إلا أنه جعل عمده من الخشب بدل جذوع النخل. وقد روي عنه أنه قال لمن زاول البناء: (أكنّ الناس من المطر، وإياك أن تحمّر أو تصفّر لتفتن الناس) .

فلما ولي السيد الحييّ عثمان رضي الله عنه الخلافة زاد فيه زيادات كبيرة، وبنى جدرانه بالحجارة المنقوشة والقصة- الجص- وجعل عمده من الحجارة المنقوشة أيضا، وسقفه بخشب الساج (?) .

وقد أنكر بعض الناس على عثمان هذا، واعتبروه إسرافا وزخرفة، روى البخاري في صحيحه بسنده أن عثمان كان يقول عند قول الناس فيه حين بنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015