مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم: إنكم أكثرتم، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة» .
ويعلم الله أن عثمان رضي الله عنه ما قصد الزينة حين بناه بهذا النوع من الحجارة، ولا قصد الإسراف حينما وسّعه وجعل جدرانه من الحجارة، وسقفه بخشب الساج، فقد كان بيت المال في عهده يفيض بالأموال التي لا تحصى، وإنما هي الضرورة والمصلحة ليتسع المسجد للوافدين من المسلمين، وليكون ذلك أدعى إلى طول البقاء، وعدم تسارع الخلل والخراب إليه.
ثم زيد في المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك باني جامع دمشق، وقد قام بهذا نائبه على المدينة عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، وفي هذه الزيادة أدخلت حجر أزواج النبي ومنها حجرة عائشة التي كان فيها القبر الشريف، ثم زيد فيه زيادات كثيرة فيما بعد، وزيد فيه من جهة القبلة حتى صارت الروضة والمنبر بعد الصفوف الأمامية للمتوجه للقبلة كما هو اليوم.
ومما ينبغي أن يعلم أن القبر الشريف ما كان في المسجد أولا، وإنما دخل فيه لما اضطروا إلى توسعة المسجد، فقد وردت الأحاديث الصحيحة بلعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ونهى النبي عن ذلك، ودعا الله ألايتخذ قبره وثنا يعبد، ففي الحديث الشريف: «اللهمّ لا تجعل قبري وثنا يعبد، غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» .
وقد احتاط المسلمون الأولون، فأحاطوا القبر الشريف بحائط مرتفع كيلا يظهر القبر في المسجد فيصلي إليه العوام، فيقعوا في اتخاذ قبره مسجدا، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا على هيئة رأس مثلث من الشمال حتى لا يتمكن المصلّي من استقبال القبر الشريف في الصلاة.
وكان أول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان، ومن يومها والناس شرعوا يغالون في بناء المساجد وزخرفتها حتى أصبح بعضها من قبيل المتاحف، تقصد لما فيها من زخرفة لا للصلاة فيها، وكل ذلك خارج عن هدي