التلويح لا التصريح، فكان يقول: «ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا» وهي طريقة فذة مبتكرة في التربية والتهذيب.
وفي الحق أن المساجد في صدر الإسلام ولا سيما المسجد النبوي كانت تؤدي خدمات دينية، وعلمية، واجتماعية، وصحية وحربية، فكانت متعبدات يؤدي فيها المسلمون شعائر دينهم، وكانت تقوم مقام المعاهد والجامعات في التربية والتعليم والتهذيب، ومقام الجمعيات الخيرية في جمع الصدقات والمساعدات والتعاون على البر والخير، وكانت تقوم مقام الملاجىء والمبرات، يلجأ إليها الفقراء ممن لا مال لهم ولا دار، فيجد فيها المسكن والمأكل والمشرب، كما كان الحال في أهل الصّفّة (?) ، أضياف الله وأضياف الإسلام.
وكانت منتديات يجتمع فيها المسلمون فيتالفون ويتحابون، ويتشاورون في مصالحهم الدينية والدنيوية، ويبرمون ما يرتأون، وكانت تصنع بالمسجد النبوي السهام والات الجهاد، وتنصب به الخيام يستقبل فيها جرحى الحروب ويمرضون ويعالجون، وكان يجتمع به بعض المسلمين، فيتمرنون على فنون الحرب والقتال (?) وهكذا نجد أن المساجد في صدر الإسلام كانت تؤدي من الخدمات ما تقوم به جهات عدة في عصرنا الحديث.
فلا تعجب والمساجد في الإسلام على ما ذكرنا أن كان أول عمل قام به الرسول في المدة التي أقامها في بني عمرو بن عوف أن يا بني مسجد قباء، وهو المسجد الذي أشار إليه الحق تبارك وتعالى في قوله: