قبل أن أعرض لبناء مسجد قباء ومسجد المدينة أرى لزاما علينا أن نتعرف منزلة المساجد في الإسلام.
والمساجد بيوت الله في الأرض:
وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (?) .
ومهبط الملائكة، ومثوى عباد الله الصالحين في الأرض، فيها يصل المسلم حباله بحبال السماء، ويزكّي نفسه، ويسمو بروحه حتى تصل إلى معارج القدس، ثم هي إلى ذلك مصحّات للأبدان كما هي مصحّات للأرواح، فلابدّ لمن يغشاها مصليّا أن يتطهر من الأحداث والأنجاس في النفس والثوب والمكان، وهي المستراح لمن لا مستراح له، والمأوى والملجأ لمن لا مأوى له.
وهي منازل أدب ووقار، فلا رفع فيها لصوت، ولا للغو، ولا فسوق، وهي منازل طهر ونظافة وتجمّل، وقد جاء في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد وكاد الصحابة أن يتناولوه بالأذى فمنعهم قوله صلى الله عليه وسلم: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القران» فلا يجوز أن تكون المساجد للبيع والشراء، والعبث واللهو، ولا لنشدان الضالة، ولا لإثارة الأهواء والمنازعات والمشاحنات السياسية ونحوها، ولا للخلافات الدينية. وقد كان من أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموعظة