النبي صلّى الله عليه وسلّم، على حين غفل عن إدراكه كبار الكتاب، وحذّاق المؤلفين المعاصرين الذين ضربوا في كل علم وفن بسهم، وليس أدل على هذا من هذه القصة:
ذلك أنه لما أسلم أبو سفيان بن حرب ليلة الفتح- وكان العباس رضي الله عنه قد سبقه إلى الإسلام- قال النبي للعباس: «خذ أبا سفيان، وقف به عند خطم (?) الجبل» وذلك ليرى جيش الفتح، فمرت به كتائب الله، وفيها «الكتيبة الخضراء» كتيبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلم يملك أبو سفيان نفسه أن قال: لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما!! فقال له العباس رضي الله عنه: إنها النبوة يا أبا سفيان!! فقال: نعم- والله- إنها النبوة!!
لقد وقفت عند هذه الكلمة طويلا، وهي التي أوحت إلي بما كتبت، وأكّدت في نفسي ما كنت علمت (?) .
الذي أؤمن به أن القران هو المعجزة العظمى للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والاية العقلية الباقية على وجه الدهر، وأنه اية الايات، ومعجزة المعجزات، ولكني أؤمن أيضا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أوتي من المعجزات الحسية مثل ما أوتي الأنبياء السابقون، بل وأعظم، وهذه المعجزات الحسية بعضها ثابت بالقران الكريم نصا: كالإسراء، وانشقاق القمر، أو بالإشارة إليه كالمعراج، وبعضها ثابت بالأحاديث المتواترة، والكثير منها ثابت بالأحاديث الصحيحة المروية في الصحيحين وغيرهما من كتب