به وفيما وصفوه مما يخلّ بالنبوة، أو يخدشها؛ لأننا نعتقد أنه نبي ورسول، وكل الصيد في جوف الفرا.
ومما يزيد الضوء والتوضيح لما أريد أن الفاروق الملهم العبقري، وصاحب الموافقات (?) ، والذي قال فيه النبي «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه» (?) كان كثيرا ما يبدي رأيا، ويبدي رسول الله رأيا، فإذا به يعود إلى رأي رسول الله مذعنا مقتنعا، فمن ذلك أنه لما عرض على النبي أن يقتل رأس النفاق ابن أبيّ بعد ما كاد يثير فتنة بين المهاجرين والأنصار قال له النبي: «وكيف يتحدّث الناس- يا عمر- أن محمدا يقتل أصحابه» ؟!! ثم كان من المؤمن الصادق عبد الله بن عبد الله بن أبيّ أن جاء إلى النبي يعرض عليه قتل أبيه فقال له: «لا بل نترفّق به، ونحسن صحبته ما دام بيننا» !! وصار من أمر رأس النفاق أنه كلما أبدى لونا من ألوان النفاق لامه قومه وعنفوه، فأراد أن يبين الرسول لسيدنا عمر بعد نظره، وأصالة رأيه لمّا أبى على عمر قتله فقال: «كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي لأرعدت له انف، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته» !! فقال عمر: قد- والله- علمت لأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعظم بركة من أمري!!.
وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة قال الفاروق عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، وما كان- علم الله- منافقا، فقال له النبي:
«وما يدريك يا عمر لعل الله اطّلع على أهل بدر، فقال لهم: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم ذنوبكم» !!
فإذا عمر يبكي بعد أن تبين له الحق، فيقول: «الله ورسوله أعلم» !! وسيدنا عمر هو القمة في العبقرية، ولكن أين العبقرية من النبوة؟! ومن العجيب حقا أن هذا المعنى الدقيق سبق إلى العلم به العباس عم