يراه حتى أن ابن أنيس عندما رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعجبًا كما وقع في رواية الواقدي: (يا رسول الله ما فرقت من شيء قط، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلى آية ما بيني وبينه أن تجد له قشعريرة إذا رأيته» (?) وقد وجد عبد الله بن أنيس خالد الهذلي على الصفة التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول عبد الله: فلما رأيته هبته وفرقت منه، فقلت: صدق الله ورسوله (?).
7 - ما قاله عبد الله بن أنيس من الشعر في قتله لخالد الهذلي:
تركت ابن ثور كالحوار وحوله ... نوائح تفري كل جيب مقدد
تناولته والظعن خلفي وخلفه ... بأبيض من ماء الحديد المهند
أقول له والسيف يعجم رأسه ... أنا ابن أنيس فارسًا غير قعدد
وقلت له خذها بضربة ماجد ... حنيف على دين النبي محمد
وكنت إذا هم النبي بكافر ... سبقت إليه باللسان وباليد (?)
اختلفت مرويات سرية الرجيع فيما بينها كثيرًا حول السبب الذي من أجله بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الوقت الذي يورد البخاري بأنه إنما بعث عينًا لتجمع المعلومات عن العدو (?) , فإن مرويات أخرى بأسانيد صحيحة ورد فيها أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من قبيلتي عضل والقارة المضريتين إلى المدينة وقالوا: (إن فينا إسلامًا فابعث معنا نفرًا من أصحابك يفقهونا ويقرئونا القرآن ويعلمونا شرائع الإسلام) (?) , ويظهر أن قبيلة هذيل قد سعت للثأر من المسلمين لخالد بن سفيان الهذلي فلجأت إلى الخديعة والغدر، وقد جزم الواقدي (?) بأن السبب هو أن بني لحيان وهم حي من هذيل، مشت إلى عضل والقارة، وجعلت لهم جعلا ليخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلبوا منه أن يخرج معهم من يدعوهم إلى الإسلام ويفقههم في الدين، فيكمنوا لهم ويأسروهم ويصيبوا بهم ثمنًا في مكة (?).
وهكذا بعث الرسول صلى الله عليه وسلم هذه السرية التي تتألف من عشرة من الصحابة (?)، وجعل عليهم عاصم بن ثابت بن الأقلح أميرًا، حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة أغار بنو لحيان، وهم قريب من مائتي مقاتل، فألجأوهم إلى تل مرتفع بعد أن أحاطوا بهم من كل جانب، ثم أعطوهم