الدنيا, ولو حصلوا على شيء من متاع الدنيا فإنه لا يعتبر عندهم شيئًا كبيرًا، وإنما ينتظرون جزاءهم في الآخرة, ولهذا كانت مكافأة عبد الله بن أنيس تلك العصا التي ستكون علامة بينه وبين رسول الله يوم القيامة، وهذا يدل على علو مكانته في الآخرة (?).

4 - بعض الأحكام الفقهية: تضمن هذا الخبر بعض الأحكام والفوائد منها (صلاة الطالب) قال الخطابي: واختلفوا في صلاة الطالب، فقال عوام أهل العلم: إذا كان مطلوبًا كان له أن يصلي إيماء، وإذا كان طالبًا نزل إن كان راكبًا وصلى بالأرض راكعًا وساجدًا (?)، وكذلك قال ابن المنذر (?)، أما الشافعي فشرط شرطًا لم يشترطه غيره، قال: إذا قل الطالبون عن المطلوبين، وانقطع الطالبون عن أصحابهم فيخافون عودة المطلوبين عليهم فإذا كان هكذا كان لهم أن يصلوا يومئون إيماء.

قال الخطابي: وبعض هذه المعاني موجودة في قصة عبد الله بن أنيس (?)، وقد ذكر بدر العيني في عمدة القاري مذاهب الفقهاء في هذا الباب، فعند أبي حنيفة: إذا كان الرجل مطلوبًا فلا بأس بصلاته سائرًا، وإن كان طالبًا فلا، وقال مالك وجماعة من أصحابه: هما سواء, كل واحد منهما يصلي على دابته.

وقال الأوزاعي والشافعي في آخرين كقول أبي حنيفة, وهو قول عطاء والحسن والثوري وأحمد وأبي ثور.

وعن الشافعي: إن خاف الطالب فوت المطلوب أومأ وإلا فلا (?).

5 - جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: يجوز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, فعبد الله بن أنيس - رضي الله عنه - أداه اجتهاده أن يصلي هذه الصلاة، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم, مما يدل على جواز الصلاة عند شدة الخوف بالإيماء (?).

وهذا الاستدلال صحيح لا شك فيه؛ لأن عبد الله بن أنيس فعل ذلك في حياة النبي وذلك زمن الوحي، ومحال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلع عليه (?).

6 - من دلائل النبوة: فقد وصف صلى الله عليه وسلم خالد بن سفيان الهذلي لعبد الله بن أنيس وصفًا دقيقًا دون أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015