الأمان من القتل، ولكن قائد السرية أعلن رفضه أن ينزل في ذمة كافر (?) , وقال عاصم بن ثابت: إني نذرت ألا أقبل جوار مشرك أبدًا، فجعل عاصم يقاتلهم وهو يقول:
ما عِلَّتي وأنا جلد نابل ... النبل والقوس لها بلابل (?)
تزل عن صفحتها المعابل ... الموت حق والحياة باطل
وكل ما حمّ الإله نازل ... بالمرء والمرء إليه آثل
إن لم أقاتل فأمي هابل (?)
فرماهم بالنبل حتى فنيت نبله، ثم طاعنهم بالرمح حتى كسر رمحه، وبقي السيف فقال: اللهم حميت دينك أول نهاري فاحم لي لحمي آخره، وكانوا يجردون كل من قتل من أصحابه, فكسر غمد سيفه ثم قاتل حتى قُتل، وقد جرح رجلين وقتل واحدًا وكان يقول وهو يقاتل:
أنا أبو سليمان ومثلي رامي ... ورثت مجدًا معشرًا كرامًا
ثم شرعوا فيه الأسنة حتى قتلوه، وكانت سلافة بنت سعد بن الشُّهيد قد قُتل زوجها وبنوها أربعة، قد كان عاصم قتل منهم اثنين: الحارث، ومسافعًا، فنذرت لأن أمكنها الله منه أن تشرب في قحف (?) رأسه الخمر، وجعلت لمن جاء برأس عاصم مائة ناقة، قد علمت بذلك العرب وعلمته بنو لحيان, فأرادوا أن يحتزوا رأس عاصم ليذهبوا به إلى سلافة بنت سعد ليأخذوا منها مائة ناقة، فبعث الله تعالى عليهم الدبر فحمته, فلم يدنُ إليه أحد إلا لدغت وجهه، وجاء منها شيء كثير لا طاقة لأحد به، فقالوا: دعوه إلى الليل، فإنه إذا جاء الليل ذهب عنه الدبر، فلما جاء الليل بعث الله عليه سيلاً ولم يكن في السماء سحاب في وجه من الوجوه، فاحتمله فذهب به فلم يصلوا إليه (?).
لقد قتل عاصم في سبعة من أفراد السرية بالنبال، ثم أعطى الأعراب الأمان من جديد للثلاثة الباقين, فقبلوا غير أنهم سرعان ما غدروا بهم بعد ما تمكنوا منهم, وقد قاومهم عبد الله بن طارق فقتلوه واقتادوا الاثنين إلى مكة، وهما خبيب وزيد بن الدثنة فباعوهما لقريش (?) , وكان ذلك في صفر سنة 4 هـ (?).
فأما خبيب فقد اشتراه بنو الحارث بن عامر بن نوفل ليقتلوه بالحارث الذي كان خبيب قد