تربية مكة كانت الأساس للصرح الضخم الذي بُني بعد ذلك في المدينة المنورة، والأساس الذي يبني فوقه عشرات الأدوار لا أحد يراه، إلا العالمين ببواطن الأمور، فلو أتيت أحد المهندسين فإنه يستطيع أن يخبرك بعمق الأساس ومساحته وقوته، وأيضاً كم يستطيع أن يبني فوق العمارة التي بُنيت، فلو كان الأساس ضعيفاً فإن البناء ينهار عند أول هزة، قد تجده يقف أمامك فترة من الزمن، لكن أول زلزال ولو كان يسيراً قد يجعل البناء ينهار بالكلية، وما أكثر ما رأينا دولاً وأحياناً تكون دولاً إسلامية تنهار؛ لأن الأساس كان ضعيفاً، والتربية كانت ضعيفة، وما أحداث طالبان منا ببعيد، ما نشك في نياتهم وفي أخلاقهم وفي عبادتهم، لكن البناء كان ضعيفاً، والتربية كانت ضعيفة؛ فحدث هذا الانهيار المروع وفي فترة قصيرة؛ لأنه لم تُدرس سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام دراسة متأنية منهم، أو ممن وقع من أمثالهم في حلقات التاريخ المختلفة.
إلى كل العاملين على الساحة الإسلامية أقول: دراسة السيرة ليست ترفاً فكرياً، إنما هي فريضة على كل من أراد أن يعز هذه الأمة وأن يشارك في بنائها.
ما هو الأساس الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم لبناء الأمة الإسلامية، وحرص على تقويته في فترة مكة المكرمة؟ ما الذي نأخذه من فترة مكة لندخل فترة المدينة؟