يقول الإمام ابن القيم في كتابه "مدارج السالكين" ما ملخصه: وحسن الخلق يقوم على أربعة أركان، لا يتصور قيام ساقه إلا عليها: الصبر، والعفَّة، والشجاعة، والعدل. وأخذ يفصِّل كيف جمعت كل منها جملة من مكارم الأخلاق التي بمجموعها تكتمل صورة الأخلاق الحسنة في صاحب الرسالة، لتكون عنواناً وتفصيلاً لهذه الرسالة بحيث لا يبقى عقلاً ولا واقعاً إلا التسليم بكونها من عند الله تعالى.
وإنَّ من الإنصاف العلمي أن نعرض من حين إلى آخر على مدار الرسالة لما اعترض به المعترضون، أو شكك به المرتابون من المستشرقين، ومن لفَّ لفَّهم لتلك الأغراض الخبيثة من محاربة الإسلام - العدو الرئيسي الذي اتخذوه لهم في هذه الأيام - ولنرى أتصمد أمام النقد العلمي النزيه، أم لا، من وجهة نظر هذه الرسالة، وإن كنَّا سنختصر ذلك اختصاراً؛ لئلا نخرج عن مقصود البحث، وسيكون ذلك فيما سنعرض له فقط من بعض مواقفهم التي تدل على سائر المواقف، مع الإعراض التام عما تتميز به هذه الكتابات من التطاول والتسافه، وقلّة الحياء والأدب (?)، إذا ذلك بضاعة الجهلة التي تظهر عند فقد الحجة