العبادة، يكمن في التصور الخلقي الصحيح، ففي الإيمان وطرائقه وآفاقه تستطيع النفس أن تجد حاجتها المادية والروحية معاً، وليس ثَمَّة طريق يبلغ الإنسان إلى كماله المنشود، وصلاحه المرجو، وبالتالي سعادته المأمولة غير طريق الإيمان (?).

ويكفي منهج علماء المسلمين، من سلكه منهم بتحقيق أكثر، وتحديد أدق كابن تيمية ومن تبعه، أن يرجع إليه الأوربيون اليوم بعد أن تشردوا في صحراء المادة القاحلة، التي تصوروا فيها سعادتهم، فإذا هي سراب، وقد عادوا إلى إدخال الإيمان كعنصر فعال في تحديد الأخلاق الموصلة للسعادة التي اتضح لهم أنها مبنية على الإشباع الروحي والسلام النفسي الذي تظهر آثاره في الأخلاق المحمودة مع البشر كافة، والتي بها يشعر المرء بقيمة لهذه الحياة التي أصبح لها غايات وأهداف محمودة.

إننا بتغير الأخلاق إلى ذلك نغير جميع أنماط السلوك الإنساني، وقد رأينا كيف غيرت دعوة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمكارم الأخلاق هؤلاء العرب في أقصر فترة إلى أعظم أنماط ووسائل السلوك الإنساني على مرَّ التاريخ.

الأركان الأساسية للأخلاق:

ما سبق يدفعنا - بعد أن علمنا تحقق هذا العلو الأخلاقي في الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنَّه كان الأنموذج الفخم لدعوته - إلى أن نحدد الأركان الأساسية للأخلاق، وشيئاً من تفصيلاتها لنرى مدى انطباقها على شخص الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - فيتضح بذلك شيء من قيمة الرسول والرسالة، وصحة نسبه هذا الوحي لله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015