خلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه" (?).
إن المتأمل فيما سبق من التعريفات لا يجد مشقة أو صعوبة في أن يقرر بكل أمانة أن تلك الصفات لم تتحقق لأحد متكاملة على هذا النسق في غير محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذ لا يحتاج لروية وتدبر، أو أعمال فكر إذا كان مشتغلاً بالتاريخ فقط أن يقول إنَّ تلك الأخلاق كانت في أسمى صورها، والتي هي باقية ما بقي ناس يعلمون عن محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولو سأل المنصف نفسه من الذي ادعى، أو إدُعِيَ له على مدار التاريخ الإنساني كله أنه يتمتع بتلك الأخلاق، واتصف بأعلى كمالاتها، وما تزال آثارها باقية بل مكتملة كما كانت فيه، بلغت كما نقلت عنه، وتمثلها أتباعه، ويحاولون إلى اليوم، لم تجد مؤرخاً، ولا عالماً، ولا عاقلاً محايداً، منصفاً، أو غير منصف إلا أن يقول: ما ذكر ذلك إلا عن محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن ذكر غيره في ميدان من ميادين هذه الأخلاق، فما ذكرت كل الأخلاق وأعلاها إلا له.
لا نحتاج إلى تنزيل معاني هذه التعريفات - كما أسلفنا - على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خاصة وهي تعريفات قاصرة مليئة بالثغرات والمآخذ، إذ الواقع والسير قد كفتننا مؤنه ذلك، وإنما نقف عند تعريفات العلماء المسلمين، إذ هم قد زادوا على هذه التعريفات أموراً تسد خللها، وتكمل النقص فيها، وبالتالي تجعل هذه التعريفات أجمع وأمنع من تعريفات الغربيين، وبناء عليه، فإذا كانت هذه التعريفات الشاملة قد جمعت لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمن باب الأولى، قد أحاطت أخلاقه بتعريفات أولئك، ولا بأس حينئذ أن نذكر تعريفاً للأخلاق عند المسلمين، يقول مقداد يالجين معرفاً الأخلاق في نظر الإسلام بقوله: "هي عبارة عن مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني التي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان، وتحديد