وهي علامة باقية إلى يوم القيامة، وبعد مماته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ما استطاعت الدنيا - كما أخبر أن تغير مما قال شيئًا - ومن ادعى القول فضح به وظهر كذبه.
والكلام يشير إلى عصمته بإشارة أخرى، وهو في جملة: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَى} حيث هي تعليل لجملة {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ} أي ما أتبع إلا الوحي، وليس لي تصرف بتغيير (?)، واتباع الوحي: تبليغ الحاصل به وعدم تجاوزه في الاقتفاء، أي عملاً وتبليغًا، إذ الاتباع مجاز في عدم التصرف، بجامع مشابهة ذلك للاتباع الذي هو عدم تجاوز الاقتفاء في المشي.
وإن دل ذلك دل بوضوح على أنه في التزامه أوامر الله وتبليغها لا يتزحزح فيها قيد شعرة عما يوحى إليه، وما كان، وبالتالي لن يكون، وهي العصمة الكاملة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باتباعه التام والكامل والدائم للوحي المنزل عليه والذي لا حول له فيه ولا تصرف، ومن ثم قال في الآية التالية: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)} [يونس: 16] (?).
الثالث: وهو في قوله جل وعلا: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)} وهي واقعة في موضع التعليل لقوله: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} وهي قاطعة لأطماع المشركين، ولكل أحد يروم محادة الإسلام، سواء بتغيير هذا القرآن أم تبديله أم العودة إلى دين المشركين كما طلبوا منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أم بمهادنتهم بترك الاستهانة بآلهتهم، أم بعصيان الله تعالى أي