فضل الهجرة

لقد بيَّن القرآن في آيات كثيرة فضل الهجرة في سبيل الله، ومكانة المهاجرين الأولين الذين خلَّد الله ذكرهم، وأعلى مكانهم، وبيَّن عظيم أجرهم. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?). وقال تعالى: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} (?).

وقال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} (?).

وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (?).

وكانت الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة دليلاً على ما للعقيدة من تأثير بالغ، يقوى على فصم روابط الإنسان بالمكان؛ أرضاً ومالاً ومصالح وأهلاً، فقد ترك المهاجرون كل ذلك وراءهم عندما اقتضت مصلحة العقيدة ذلك، وكانوا يرسمون مستقبلاً وضيئاً لأمة الإسلام، فهجرتهم وصبرهم وجهادهم وتضحياتهم أقامت دولة الإسلام الأولى على أرض المدينة المباركة.

ومنذ ذلك الحين قبل أربعة عشر قرناً استمرت دولة الإسلام تتوسع حتى شملت مساحة واسعة في قارات آسيا وأفريقيا وأوربا.

صبغتها جميعاً بصبغة العقيدة، وأظلتها بروح الإسلام، وحضارته الشامخة، وشريعته السمحاء، فوحدت قلوب الناس بالمعتقد، وقانونهم ونظامهم بالشرع، وسلوكهم ووجهتهم بأهداف الإسلام في تحرير الإنسان من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015