الشرك والظلم والتيه. وكانت اللغة العربية أداة الاتصال بين جميع المسلمين من سائر الأجناس والألوان، إذ ما أن يعتنق الإنسان الإسلام حتى يسعى لتعلمها ومعرفة كتاب ربه وحديث نبيه بواسطتها.
وهكذا أسهم الجميع في بناء صرح أدب عربي إسلامي رفيع. كما أسهموا في فهم معاني القرآن والسنة وأحكامهما، ووضع قواعد الاستنباط منهما، فنمت الثورة الفقهية الهائلة التي هي مجهود عقول اعتصرها أصحابها للوصول إلى حكم الله في كل ما يستجد في الحياة من أحداث.
وكما خلد القرآن ذكر المهاجرون الأولين فقد خلد ذكر الأنصار الذين آووهم وشاركوهم بيوتهم وأموالهم، وعرضوا أمن مدينتهم للخطر في سبيل العقيدة التي اعتنقوها والدين الذي آمنوا به.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (?). وقال عليه الصلاة والسالم في بيان فضل الهجرة ومكانة النصرة (ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار) (?).
وسميت المدينة بـ "دار الهجرة والسنة" كما في صحيح البخاري.
وصارت الهجرة إلهيا من مكة أولاً ثم من سائر الأنحاء الأخرى التي انتشر منها الإسلام، وكانت الآيات القرآنية تحث على الهجرة بقوة وترتب عليها من الفضل العظيم، ورجاء رحمة الله، وتكفير السيئات، وتوبة الله تعالى على المهاجرين، ورضا الله عنهم، ودخول الجنة .. هذا في الآخرة، وأما التقويم في الدنيا فقد اعتبرت الهجرة من أفضل الأعمال، وأولاها برفع مرتبة المسلم معنويا، ثم صار لها اعتبار مادي في العطاء السنوي منذ أن نظم عمر - رضي الله