ورغم حداثة عهد العرب بالدولة الواحدة التي لم يعرفوها قبل الإسلام، فقد دامت دولة الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قرونا طويلة، مما يدل على عمق الأساس الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى نجاح تربيته للصحابة الذين تولوا الأمر من بعده.
لقد خرَّجت مدرسة القرآن جيلاً عظيماً في دينه، عظيماً في خلقه، عظيماً في جهاده، وحسن بلائه، وفتَّقت الأذهان والقرائح، وأنارت القلوبَ بَوهَج الإيمان، والعقول برحيق القرآن، وأثبتت تاريخياً أنها قادرة على تحقيق إنسانية الإنسان، والحفاظ على جوهره النقي، ومعدنه الأصيل، وفطرته السليمة، في حين أضاعت الأيديولوجيات والفلسفات الوضعية الإنسان وأحالته إلى مسخ، فصادرت روحه وعقله وخلقه، وغرست التوحش والانتقام، ونمَّت أنيابه ومخالبه، وما زالت مدرسة القرآن قادرة على إعادة الإنسان إلى إنسانيته، عندما يرتشف من رحيق الكتاب والسنة، ويقتدي بجيل الصحابة رضوان الله عليهم.