ولسن: "إن انجلترا وأمريكا تضمان الآن أعداداً من السحرة تزيد على ما كان فيها منذ عصر الإصلاح" (?).
وهكذا فإن العلم والمدنية المعاصرة لم يتمكنا من تحرير عقل الإنسان من الخرافة والأساطير، أما الإسلام فقد قطع السبيل على المشعوذين منذ أربعة عشر قرناً، عندما قال عليه الصلاة والسلام: "الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فصلوا" (?).
وفهم الصحابة والتابعون المقصود وهو القطع بعدم تأثير النجوم في أحداث الناس والحياة، فقال قتادة السدوسي في تفسير الآية: " {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} ": خلق -الله- هذه النجوم لثلاث؛ جعلها زينةً للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلاماتٍ يُهتدي بها، فمن تأول بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف مالا علم له به" (?).
إن عالم الغيب لا ينكشف للإنسان إلا عن طريق الوحي الإلهي، أما التعرف على القوى الكامنة في الإنسان والكون فهو لا يدخل في دائرة الغيب. فالله وحده عالم الغيب والشهادة، أما الإنسان فمجال نشاطه عالم الشهادة، ولكن الله تعالى أطلعه على قدر من عالم الغيب يوسع دائرة وعيه، ويلزمه في حياته الوجدانية والعقلية، ويفسح له في وجوده الذي تحده المادة، وهكذا أرسل الله الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، لنقل القدر المناسب من المعرفة الغيبية للإنسان، وفق ما حدده الله تعالى في وحيه لأنبيائه فليس للإنسان أن يطلب علم الغيب خارج دائرة الوحي، إذ ليس له أن يبدد قواه العقلية وطاقاته فيما لا سبيل لها إليه، ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربّك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري في صحيحه (?).