لقد حددت العقيدة الإسلامية مجالات الغيب التي أتاح الوحي الإلهي للإنسان التعرف عليها، وسدت ما سوى ذلك. فليس على الإنسان إلا التحرك الواعي في التعامل مع "الغيب" من خلال نافذة الوحي الإلهي التي جعلته يطل على الإلهيات والروحانيات والسمعيات والنبوات دون أن يقع تحت سلطان الخرافات أو استغلال المشعوذين والسحرة. يقول المفكر "كولن ولسن" في كتابه "الإنسان وقواه الخفية": "لا تستطيع الحضارة أن تتقدم إلى أبعد مما وصلت إليه حتى يسلم الناس بقوى الغيب غير المنظورة تسليماً بديهياً على مستوى تسليمهم بالطاقة الذرية". ولكن هذا المفكر يدو إلى استخدام قوى الإنسان "الكامنة في لا وعيه" لإحداث الاتصال بعالم الغيب وهو ما يسميه بعلم السيطرة والاتصال - أو السيرناطيقا اصطلاحاً - والذي كشف عن حقيقة أن ثمة برمجة تتخلل الطبيعة بأسرها (?).
وبعد دراسة عميقة لكل مكتشفات علم السيرناطيقا قال ولسن -وهو فيلسوف وجودي بريطاني-: "قد أقنعتني -يعني الأدلة- بأن المزاعم الأساسية للنزعة الغيبية، وهي مزاعم صحيحة، ويبدو لي أن حقيقة الحياة بعد الموت قد أصبحت قائمة بعيدة عن متناول أي شك معقول" (?).
إن المعقول البشرية غالباً ما تتسم بالسذاجة ويسهل خداعها وغشها من قبل السحرة والمحتالين، ومن ثم فإن خواص العقل هذه جعلت الكثيرين من أبناء هذا القرن وبدافع الإحساس بالعقم والضجر اندفعوا نحو أحياء الاهتمام بالعالم الغامض وبالوسائل السحرية بعد أن ظن العلماء منذ القرن السادس عشر الميلادي أن عصر العقل قد بزغ وأن عهود السحر قد ولّت (?). ويقول كولن