تعليلها تعليلاً عقلياً قد لا يُوفَّق فيه، ومن هنا فإن الإسلام وهبه بعض القواعد والتفسيرات التي تعينه على فهم الكون والحياة، وتمنعه من الانحراف في تفسير ظواهر الكون والحياة تفسيراً يفسد عقيدة التوحيد، أو يقود إلى الخرافة والأساطير التي تعشعش في العقل وتحرفه عن التصور السليم، ومن هذا بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم لتصحيح تصور بعض الصحابة إزاء ظاهرتي الكسوف والخسوف، حيث اعتقدوا أن خسوف الشمس والقمر يتعلق بموت إبراهيم ابن الرسول عليه الصلاة والسلام، فبينَّ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ظاهرتي الكسوف والخسوف علامتان وآيتان من آيات الله تشيران إلى إسلام الشمس والقمر لله بخضوعهما للقانون الفلكي الذي يحكمهما،
وأن لا علاقة لما يحدث في الأفلاك وعالم النجوم بما يقع من أحداث إنسانية على الأرض، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فصلوا" (?). وهكذا يظهر المؤمن سجوده لخالقه وخضوعه الإرادي لمن تخضع له السموات والأرض طوعاً وكرهاً.
وبذلك وضع الإسلام حداً لكل ما يتعلق بعلم التنجيم القائم على تأثير الكواكب على أحداث الأرض، ومن ثم الإفادة من رصد الأفلاك في التنبؤ بأحداث المستقبل التي تقع للأفراد والجماعات. وما أكثر المتشبثين بالتنجيم عبر تاريخ البشرية الطويل، بل وما أكثرهم في عالم اليوم رغم انتشار الوعي والعلم، بل قد نجد من المثقفين والعلماء المتخصصين في علوم الطبيعة والفلك والرياضيات وأنواع العلوم الدقيقة من يتقبل عقله أفكار التنجيم والتنبؤ بالمستقبل. ويبدو أن الإنسان مستعد للتعامل مع عالم الغيب بطريقة بعيدة عن المنطق وقيم العلم مهما بلغ من مكانة في علوم الدنيا وأن العقيدة الإسلامية هي سبيل النجاة من الوقوع تحت تأثير الأساطير.