وغرس الخوف من الله في قلب المؤمن إيجابي في ثمرته خلافا للخوف من غير الله من قوى الطبيعة مظاهر الكون، فإن الشجاعة في مواجهتها والإفادة ثمن تسخيرها للإنسان، وذلك بإخضاعها لعلمه وصناعاته وإنتاجه. واجتناب الظن بأنها تملك قدرةً وإرادةً وتأثيراً على مجريات الأحداث في الحياة كما كان يظن قدامى اليونان عندما سيطرت عليهم أفكار التوهم والتخيل، فنسبوا لمظاهر الطبيعة صفات الألوهية، وعبدوها من دون الله، فللبحر إله، وللخصب إله، وللرعد إله، وللعواصف إله، وللحب إله وللجمال إله، حتى أن الآلهة العديدة التي اعتقدوها سلبت الإنسان كل سلطان فما هو إلاّ ذرة في مهب الرياح الهوجاء لا قدرة له على الثبات والمواجهة، بل هو خاضع للحتميات القاهرة التي تفرضها إرادات الآلهة المتعارضة.
لقد جرد الإسلام الإنسان من خوف الطبيعة الصماء، ومن خوف الأحياء الضخمة والقوية، ومن خوفه من بعض بني جنسه، عندما وضح له حقيقة الأشياء، ومنعه من السقوط في عبودية غير الله. بل إن الخوف من الله تعالى عودل بالرجاء لئلا يسقط الإنسان فريسة القنوط والاكتئاب، ولئلا يشل الخوف طاقته، ويعطله عن العمل المثمر والإنتاج النافع، فكانت آيات الرجاء تبعث الأمل في نفوس المؤمنين، وتدفع إلى العمل، وتقاوم اليأس بل تحرمه {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}
(?).
لقد اهتم الإسلام بتوجيه أتباعه نحو التفكير التأملي في ظواهر الكون وقوانين الحياة، فملاحظة الظواهر الطبيعية ورصدها هي أولى مراحل التفكير العلمي المنظم.
قال تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (?). وقد تبدو بعض الظواهر غامضة، لا تعرف أسبابها وعللها، وقد يحاول الإنسان