هل يكفي أن يعرف الإنسان عظمة الخالق وقدرته وكمال صفاته؟ وهل يكفي أن يطلع على أمره ونهيه ليلتزم بشرعه في شؤون حياته؟.
أم لابد أن يتربى الإنسان وفق منهج معين يرتكز على توثيق الصلاة بالله نظراً وعملاً، وفكراً وتطبيقاً. ويقوم بالإشراف على هذه التربية أساتذة المنهج الرباني. إن مطالعة التاريخ تبرز أن المنهج الإلهي تعاقب الأنبياء على تربية الناس وفقه، وهذا المنهج يتعامل مع النفس الإنسانية فيغرس فيها الخوف والرجاء، والخوف من الله تعالى وعقابه، والرجاء في رحمة الله ورضوانه ونيل ثوابه، وقد استقامت نفوس الملايين من البشر على العقيدة الصحيحة والسلوك الصالح عبر التاريخ عندما توازنت معاني الخوف والرجاء في نفوسهم.
وعندما يستقيم الإنسان ويستبصر بالرؤية الإيمانية الصادقة فإن حياته ترقي حضاريا فيتوخى السلوك الراقي مع عالمه، يعاون الإنسان، ويرفق بالحيوان، ويحافظ على خيرات الأرض، ويمنع التلوث عن البيئة، ويرشد الاستهلاك وينظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفق معايير العدل والحق والمساواة والحرية والكرامة.
لا غرابة إذاً عندما يعطي الإسلام مساحة واسعة للتعريف بالخالق وعظمته وقدرته المطلقة، ولا غرابة حين يجعل منهجه التربوي يقوم أساساً على تكوين الإنسان الصالح بغرس التقوى ومعانيها في قلبه، وأداتا المنهج في تحقيق التقوى هما الخوف والرجاء، قال تعالى في وصف المؤمنين الصادقين: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} (?)، وقال تعالى: {يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} (?). ووصف تقلبهم بين الخوف والرجاء في الآية: {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (?)، وقال تعالى كاشفاً عن العلة في ثوابه {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (?).