والإسلام هو الدين الخاتم لرسالات الله تعالى إلى الإنسان، وهو الرسالة الخالد مدى الحياة، وهو يهدف إلى تبصير الإنسان بخالقه وبذاته وبعالمه وبمصيره، في حين تسعى الأدبيات الإنسانية من فلسفة وعلم اجتماع وانثروبولجي ونفس وسياسة واقتصاد وأدب شعري ونثري قصصي ومسرحي إلى تبصير الإنسان بذاته وعالمه فقط إلا تلك الأدبيات المتأثرة بالفكر الديني والمستوحية لرسالات الله فإنها تبصر الإنسان بالخالق وبالمصير.
وفي عالم اليوم تركزت الأدبيات الإنسانية على ذات الإنسان وعالمه المادي وتهمل إلى حد كبير قضية المصير والعلاقة مع الخالق، وهو اتجاه محكوم بالفلسفات المادية التي لا تؤمن إلا بالمادة المحسوس، والتي تنكر عالم الغيب وتتنكر له، ولا ترى في المصير إلا العودة إلى تراب الأرض عودة نهائية ليس وراءها بعث ولا نشور ولا حساب ولا عقاب ولا جنة ولا نار.
وهكذا عاش إنسان القرن العشرين داخل نفسه وداخل حدود العالم المادي الضيقة لا يضيء قبسُ الإيمان إلاّ نفوساً قليلة، ولا يعيش تجارب الروح إلاّ عدد محدود، ولا يتطلع إلى الله وما عنده من رحمة ورضوان في الدنيا والآخرة إلا صفوة من الخلق، وقليل ما هم.
إنَّ الناظر في كتاب الله تعالى وسنّة الرسول عليه الصلاة والسلام يدرك أن الإسلام أعطى مساحة واسعة من نصوصه للتعريف بالخالق عز وجل وما يحبه ويرضاه، وما يبغضه وينهي عنه، وبين الأمر والنهي الالهيين تقع سياسات المجتمع والثورة، فتتحدد خصائص الدولة وقيم الاقتصاد وسنة الاجتماع، وتتضح علاقة الإنسان بالإنسان، والرجل بالمرأة. وهنا تبرز تفصيلات كثيرة دقيقة وجليلة لتحديد العلاقات الاجتماعية ضمن أحكام الشريعة التي تمثل إرادة الله تعالى في شؤون خلقه.
ولكن ما الذي يدعو الإنسان إلى الوقوف عند أحكام الشرع، والتماس رضا الله والبحث عن مراداته ومنهياته؟