والإضرار بهم وأكل أموالهم إلا بحقها. ووف لهم بشرطهم الذي شرط لهم في جميع ما أعطيتهم".
ومما تقدم من الأحكام السلمية التي شرعها الإسلام لمعاملة غير المسلمين، ومن نصوص العهود التي التزمها القواد في صلحهم يتبين أن الإسلام لا يأبى مسالمة من لا يدينون به ما داموا غير عادين. وأنه لا مانع يمنع أية دولة إسلامية من أن تتبادل مع دولة غير إسلامية علاقات تجارية وسفراء لنظر المصالح ومعاهدات لضمان حقوق أفراد كل من الدولتين وإجراء العدل بينهم كما أنه لا يأبى حسن معاشرة المسلمين لغير المسلمين والمساواة بينهم في الحقوق والحريات وتبادل الحاجات والبر والإقساط ويؤخذ من قول خالد بن الوليد في عهده: "ولهم كل ما لبسوا من الزي إلا زي الحرب من غير أن يتشبهوا بالمسلمين في لباسهم" ومن قول أبي عبيدة في عهده "ولا يلبسوا السلاح يوم عيدهم" إن المسلمين لم يحرموا على غير المسلمين أي لباس إلا زي الحرب لأنه يثير الشحناء ولا يتفق والمسالمة. ولم يحرموا عليهم التشبه بالمسلمين في زيهم ازدراء لهم لأنهم قد يلبسون ما هو أغلى وأقوم وإنما أراد المسلمون أن تكون لكل طائفة قومية مميزة بمميزاتها من دين ولغة ولباس وسائر المميزات، ولهذا يوجد في السنة كثير من الأحاديث ترمي إلى الاحتفاظ بالقومية وعدم فناء الأمة في غيرها، مثل "خالفوا سنة المجوس"، ومثل النهي عن التشبه بغير المسلمين.