عوقبوا وأخذ منهم. فكان الصلح على هذا الشرط. فقالوا لأبي عبيدة اجعل لنا يومًا في السنة نخرج فيه صلباننا بلا رايات وهو يوم عيدنا الأكبر ففعل ذلك لهم وأجابهم إليه. فلما رأى أهل الذمة وفاء المسلمين لهم وحسن السيرة فيهم صاروا أشداء على عدو المسلمين وعونا للمسلمين على أعدائهم فبعث أهل كل مدينة ممن جرى الصلح بينهم وبين المسلمين رجالًا من قبلهم يتجسسون الأخبار عن الروم وعن ملكهم وما يريدون أن يصنعوا فأتى أهل كل مدينة رسلهم يخبرونهم بأن الروم قد جمعوا جمعًا لم ير مثله.
ولما تتابعت الأخبار على أبي عبيدة اشتد ذلك عليه وعلى المسلمين فكتب أبو عبيدة إلى كل والٍ ممن خلفه في المدن التي صالح أهلها بأمرهم أن يردوا عليهم ما جبي منهم من الجزية والخراج وكتب إليهم أن يقولوا لهم: إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع وأنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك. وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم. فلما قالوا ذلك لهم وردوا عليهم الأموال التي جبوها منهم قالوا: ردكم الله علينا ونصركم عليهم فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئًا وأخذوا كل شيء بقي لنا حتى لا يدعوا لنا شيئًا. وكان أن غلبت الروم ونصر الله المسلمين وكتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب بما أفاء الله على المسلمين وما أعطى أهل الذمة من الصلح فكتب إليه عمر رضي الله عنه كتابًا مما جاء فيه قوله: "وامنع المسلمين من ظلمهم