وكذلك قرر الإسلام مسئولية رجال الحكومة أمام الأمة وهذا واضح من النصوص التي يطلب بها من الأمة نصح ولاة الأمر والأخذ على أيدي ظالميهم كقوله -صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا ويسخط لكم ثلاثًا يرضى لكم أن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم" وقوله: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده". وهذه المسئولية من نتائج الشورى إذ لولا أن للأمة حق الرقابة على الحاكم ما أمر أن يستشيرها.
والخلفاء الراشدون كانوا يقرون هذه المسئولية فأبو بكر أول ما ولي الخلافة قال: إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فاعينوني وإن صدقت فقوموني. وعمر لما ولي الخلافة قال: من رأى منكم في اعوجاجًا فليقومه. قال له أعرابي: والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا. وكثير من الأحاديث والآثار متضافرة على تقرير هذه المسئولية.
وقد استنتج الأستاذ الإمام -رحمه الله- من إيجاب المشاورة على الحكام وإيجاب النصح على المحكومين أن النظام النيابي واجب في الإسلام قائلًا: "إن النصح والشورى لا يتمان إلا بقيام فئة خاصة من الناس تشاور وتناصح إذ ليس في وسع جمهور الأمة القيام بهما. وإذا كان ذلك الواجب المفروض على الحكام والمحكومين لا يتم إلا بوجود هذه الفئة كان تخصيص فريق من الأمة لهذا العمل واجبًا عملًا بالأصل المتفق عليه: "ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب".