ومن هذا يتبين أن دعائم الحكومة في الإسلام هي الشورى ومسئولية أولي الأمر واستمداد الرئاسة العليا من البيعة العامة.
وهذه دعائم تعتمد عليها كل حكومة عادلة لأن مرجعها كلها أن يكون أمر الأمة بيدها وأن تكون هي مصدر السلطات.
وقد قضت الحكمة ان تقرر هذه الدعائم غير مفصلة لأن تفصيلها مما يختلف باختلاف الأزمان والبيئات. فالله أمر بالشورى وسكت عن تفصيلها ليكون ولاة الأمر في كل أمة في سعة من وضع نظمها بما يلائم حالها، فهم الذين يقرون نظام انتخاب رجالها والشرائط اللازمة فيمن ينتخب وكيفية قيامهم بواجبهم وغير ذلك مما تتحقق به الشورى ويتوصل به إلى الاشتراك في الأمر اشتراكًا يحقق أمر المسلمين شورى بينهم.
وكذلك نظام المسئولية وكيف يؤدي رجال الشورى واجب النصح وتقديم ما يمكن أن يطرأ، ترك تفصيله لتراعى فيه المصلحة ومقتضيات الزمن.
ومثله البيعة ومن يتولاها وشرائطها وكل ما يتعلق بها مما يحقق الغرض منها، وإذًا لا يمكن القول بأن في الإسلام قصورًا عن مسايرة الزمن في شكل الحكومة الملائمة لأن الإسلام أقر أسسًا عادلة لا تختلف فيها أمة عن أمة، وأفسح للناس في أن يقرروا على هذه الأسس ما يرونه -من التفصيلات- كفيلًا بمصالحهم وملائمًا لأحوالهم.