...
أولًا: شكل الحكومة الإسلامية ودعائمها
اتفقت كلمة علماء القانون على أنه لا بد من تحديد علاقة القوة الحاكمة بالأمة المحكومة حتى يمكن التوفيق بين سلطان الحاكم وحرية المحكوم، ومن اختلاف هذه العلاقات اختلفت أشكال الحكومات وتنوعت إلى دستورية واستبدادية، وتعددت أشكال كل واحدة من النوعين.
والناظر في آيات الكتاب الكريم وصحاح السنة يتبين أن الحكومة الإسلامية دستورية وأن الأمر فيها ليس خاصًا بفرد وإنما هو للأمة ممثلة في أولى الحل والعقد لأن الله -سبحانه- جعل أمر المسلمين شورى بينهم وساق وصفهم بهذا مساق الأوصاف الثابتة والسجايا اللازمة كأنه شأن الإسلام ومن مقتضايته، فقال عز من قائل في سورة الشورى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} 1، وأمر الرسول المعصوم أن يشاور في الأمر فقال سبحانه: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} 2، وجعل الطاعة لأولي الأمر والمرجع إليهم فقال عز شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} 3، وقال: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} 4.
ووردت في السنة عدة أحاديث تدوعو إلى الشورى، وكان عمله -صلى الله عليه وسلم- وسنن الراشدين من بعده على التشاور وعدم الاستقلال بالأمور.