فالغنائم كانت توزع على هذا, تقسم خمسة أقسام, قسم في سبيل الله، ثم الأربعة الأخماس الباقية إنما توزع على الغانمين.
كما قلنا هذا ما طبقه النبي -صلى الله عليه وسلم- في عهده وطبقه أيضًا أبو بكر الصديق -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- فكانت الغنائم توزع على هذا المنوال: خمس لله ولرسوله، والأربعة الأخماس الباقية إنما توزع على الغانمين, وهذا ما طلبه الغانمون, ونقصد بالغانمين هنا الذين قاتلوا الكفار, واستولوا منهم على هذه الأرض -أي المقاتلين- فالآية تبين أن لهم الأربعة الأخماس؛ ولذلك تمسكوا بالآية, وطالبوا من سيدنا عمر -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- أن يوزع عليهم هذه الأرض, وكانت أرضًا كثيرة, وأرضًا خصبة للغاية, وطالبوا منه أن يوزع عليهم هذه الأرض.
أقول كتب قادة الجند في الأمصار إلى الخليفة عمر بن الخطاب يسألونه الرأي, إزاء طلب الجند بتقسيم الأراضي المفتوحة فيما بينهم, ومنهم سعد بن أبي وقاص الذي كان أول من تلقى هذه المشكلة في سواد العراق, يعني: أرض العراق, ثم تلى ذلك كتاب من أبي عبيدة عامر بن الجراح إلى عمر بقسمة المدن وأهلها والأرض بالشام, وما فيها من شجر وزرع.
أقول: سيدنا عمر عندما بلغه هذا الأمر, وبلغه أن الجند الذين غنموا هذه الأرض, يطالبون بتقسيم هذه الأرض, أربعة الأخماس بينهم، سيدنا عمر بن الخطاب لم يرض بذلك, وكان له رأي مخالف لذلك.
وكما قلنا فإن سيدنا عمر بن الخطاب ينظر دائمًا إلى مصلحة المسلمين العليا؛ ولذلك ماذا فعل سيدنا عمر بن الخطاب, إزاء هذه المشكلة التي تعرض لها؟ المشكلة أنه يريد أن تبقى هذه الأرض في يد أصحابها ويفرض عليها الخراج, وهذا الخراج يكون للمسلمين الموجودين الآن والذين يأتون بعد ذلك, لكن المقاتلين أو الغانمين لا يريدون ذلك, ويريدون أن توزع عليهم الغنائم كما كان متبعًا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي عهد أبي بكر الصديق -رضوان الله تبارك وتعالى عليه.