خليفة رسول الله، أنت قسمت هذا المال فسويت بين الناس, ومن الناس أناس لهم فضل وسوابق وقدم في الإسلام, فلو فضلت أهل الثوابت والقدم والفضل بفضلهم, يعني: كأنهم يطلبون من أبي بكر -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- ألا يسوي بين الناس في العطاء, يعني: شيء شبيه بالرواتب التي تعطيها الدولة للموظفين, يطلبون منه ألا يسوي بين الناس في العطاء, لكن يفاضل بينهم بحسب منزلة الإسلام في كونه سبق غيره في الإسلام أو كانت له منزلة في الإسلام فقال: أما ما ذكرتم من السوابق والقدم والفضل, فما أعرفني بذلك -يعني: أنا أعرف ذلك معرفة جيدة- وإنما ذلك شيء ثوابه على الله جل ثناؤه, وهذا معاش فالأسوة فيه خير من الأثرة.
لأن سيدنا أبو بكر لم يوافقهم على ذلك, وهو التفاضل بين الناس في العطاء, وإنما قال لهم أعرف هؤلاء الناس الذين كان لهم منزلة في الإسلام وسبق في الإسلام, وهكذا, فهذا ثوابه على الله سبحانه وتعالى, لكن المال إنما هو معاش للناس يتعيشون منه فالأسوة فيه والمساواة فيه خير من الأثرة, يعني خير من أن أفضل بعض الناس على بعض في ذلك.
ويستبين لنا من هذا أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان يسوي في العطاء بين الناس, ولم يجامل أصحاب الفضل في نصرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا من كان له سبق اعتناق الإسلام؛ لأن ما كان يعطيه للناس هو معاش لهم.
التأليف على الإسلام: سار أبو بكر -رضي الله عنه وأرضاه- على سياسة النبي -صلى الله عليه وسلم- في تأليف قلوب بعض الناس على الإسلام أو دفع شرهم عنه أو تثبيتًا لإسلامهم لضعف عقيدتهم, فكما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعطي لثلاث فئات من الناس, كما قلنا, فإن سيدنا أبو بكر أيضًا حرص على أن يعطي هذه الفئات الثلاث من الناس, فهو