يريد أن يؤلف قلوبهم أو يدفع شرهم أو يثبت إسلامهم, كما فعل سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه حدث أن جاء عيينة بن حصن, والأقرع بن حابس, يطلبان أرضا من أبي بكر فوافق على ذلك, وكتب لهما بهما خطابًا وكان عمر بن الخطاب موجودًا فتناول الخطاب ومزقه.
كأن سيدنا عمر بن الخطاب لم يعجبه هذا الصنيع من أبي بكر -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- ولم يوافق سيدنا أبا بكر على أن يعطيهم شيئًا من أراضي الدولة الإسلامية, ومزق هذا الخطاب وقال لهم: هذا شيء كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيكموه ليتألفكم على الإسلام والآن وقد أعز الله الإسلام, وأغنى عنكم, فإن تبتم إلى الإسلام وإلا فبيننا وبينكم السيف, ثم تلا قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: من الآية: 29) فقالا لأبي بكر: يعني: عيينة بن حصن والأقرع بن حابس, قالا: لأبي بكر الخليفة أنت أم عمر, يا أبا بكر؟!!.
فهم يكلمون أبا بكر ويقولون له: منِ الخليفة؟ وكلام منْ يسري؟ أنت تريد أن تعطينا الأرض تأليفًا للقلوب وهو يمنعنا من ذلك فمن الخليفة أنت أم عمر؟!! فقال سيدنا أبو بكر الحكيم: هو إن شاء الله, وأقر عمر على رأيه. يعني سيدنا أبو بكر رضوان الله تبارك وتعالى عليه وافق عمر على ما فعله, ولم يعط لعيينة بن حصن والأقرع بن حابس ما طلباه منه من أرض.
وقد حاول بعض الناس الامتناع عن دفع الزكاة بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- واستندوا في ذلك إلى قوله -تبارك وتعالى-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَ} (التوبة: من الآية: 103) وبعد ما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- امتنعوا عن دفع الزكاة, لماذا تمتنعون عن دفع الزكاة؟ قالوا: لأن الله تبارك وتعالى أمر رسوله بأن يأخذ الزكاة عندما قال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (التوبة: من الآية: 103) وقد مات النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا ندفع تلك الصدقة أو لا ندفع تلك الزكاة. فهموا من الآية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يأخذ منهم الزكاة, فإذا مات -صلى الله عليه وسلم- فلا يدفعون تلك الزكاة, ولذلك وقف سيدنا أبو بكر موقفًا حازمًا حيال هذا التأويل الخاطئ للآية. فثار أبو بكر, ولم