فألف بين قلوبكم بي، إن قريشًا حديثوا عهد بكفر، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أغضبتم يا معشر الأنصار في أنفسكم لشيء قليل من الدنيا ألفت به قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم)) -الثابت الذي لا يتزلزل- فهنا بكى القوم، وقالوا: "يا رسول الله رضينا برسول الله قسما وحظا" ورضوا بذلك.
وهكذا كانت معاملة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المؤلفة قلوبهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2 - النظام المالي في عهدي أبي بكر وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:
فقد تحدثنا في المحاضرة السابقة عن النظام المالي في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونتحدث الآن عن النظام المالي في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- فنقول: لم يختلف النظام المالي في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- عن عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث كانت الموارد المالية للدولة في عهده هي نفس الموارد التي كانت موجودة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من زكاة وغنائم وفيء وجزية, وقد سار أبو بكر على نفس السياسة المالية التي سار عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسوى -رضي الله عنه- في العطاء بين الناس, يروى عنه أنه قال: من كان له عند النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة فليأتِ, يعني: من كان قد وعده النبي -صلى الله عليه وسلم- بشيء من المال فليأت إلينا, من كان له عند النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة فليأت, فجاء جابر بن عبد الله فقال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا, فقال له أبو بكر: خذ فأخذ ما يكفيه, ثم عده فوجد خمسمائة, فقال: خذ إليها ألفًا, فأخذ ألفًا, ثم أعطى كل إنسان كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعده شيئًا, وبقيت بقية من المال فقسمها بين الناس بالسوية على الصغير والكبير, والحر والمملوك, والذكر والأنثى, فخرج على سبعة دراهم وثلث لكل إنسان.
فلما كان العالم المقبل جاء مال كثير هو أكثر من ذلك فقسمه -رضي الله عنه- بين الناس فكان نصيب كل إنسان عشرين درهمًا, فجاء ناس من المسلمين, فقالوا: يا