ونقل عن بعض فقهاء الشافعية تصريحهم بأن قاضي الضرورة، وهو من ولي القضاء دون أن تتوفر فيه الشروط المطلوبة لصحة تولية القضاء، يلزمه بيان مستنده في سائر أحكامه، ولا يقبل قوله حكمت بكذا من غير بيان مستنده فيه، وإذا كان هذا مستحسنًا عند الفقهاء، وقد يكون لازمًا في بعض الأحوال، فإنه مما تدعو الضرورة في عصرنا الحاضر لأهميته في مراقبة أعمال القضاة، وتصديق الصحيح منها، ونقد الباطل، وهذا بالإضافة إلى ما تقدم من إدخال الطمأنينة على قلب المحكوم عليه، وإشرافه على الأمر الواقع؛ لقطع عذره، ورفع احتمال التهمة للقاضي.
ومما تجدر الإشارة إليه: أن تسبيب الحكم شرط لصحته في النظم الوضعية، وأن إغفال ذلك يترتب عليه نقض الحكم وإبطاله.
حجية الحكم ونفوذه:
من المعلوم أن إصدار الحكم في واقعة يستلزم معرفة أسبابه، وتوفر شروطه، كما سبق، إضافة إلى الإمام بأحوال القضية وملابستها، وهذا يعني أن للظروف المحيطة بالواقعة أثرًا كبيرًا في تقدير صلاحية الحكم في الدعوى المطلوب الحكم فيها. ولا يتأتى ذلك إلا بنظر القاضي واجتهاده، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن من مرمى الحكم وإحداثه أن يكون موافقًا للحق والحقيقة، فإذا صدر الحكم قضائي وكان مقرون بأسبابه وحيثيته ومستوفيًا بشروطه السابقة كان حجة لازم التنفيذ.
نقض الحكم:
إذا صدر الحكم مستكملًا لوصوله الشرعية، وموافقًا ظاهره لباطنه كان حجة في الواقعة التي صدر فيها، ووجب لزومه وتنفيذه، ولا يجوز نقضه بأي حال.