الواقعة لزمه إعادة النظر حتى يتبين له ذلك صراحة، فإن اشتبه عليه الأمر والتبس عليه حكمه، كأن لم يقف على أصل النازلة في كتاب ولا سنة ولا غير ذلك، أو شك: هل هي من أصل كذا أو أصل كذا؟ أو تجاذبها أصلان؟ ولم يترجح أحدهما؟ شاور أهل العلم، فإن بقي الإشكال فالأولى في ذلك الصلح، وهذا فيما يمكن فيه الصلح لا فيما يمكن فيه الصلح كالطلاق.

أسباب الحكم:

لا شك أن العلم بأسباب الحكم أمر أساسي لنظر أية دعوى تستوجب الحكم فيها، غير أن الفقهاء لم يذكروا أسباب الحكم كشرط من شروطه، ولعل ذلك لأهميتها، ولكونها أمرًا بدهيًّا، تعتبر قاعدة وأصلًا للحكم، وهذا فيما يخص القاضي عند الحكم.

وأما من حيث دعم الحكم بأسبابه عند البيان أو إحاطة المحكوم عليه به: فقد استحسن الفقهاء فعل ذلك.

يقول الإمام الشافعي: وأحب للقاضي إذا أراد القضاء على غيره أن يجلسه ويبين له، ويقول له: احتججت عندي بكذا، وجاءت البينة عليك بكذا، واحتج خصمك بكذا، فرأيت الحكم عليك من قبل كذا، ليكون أطيب لنفس المحكوم عليه، وأبعد عن التهمة، وأحرى: إن كان القاضي غفل عن ذلك عن موضع فيه حجة أن يبينه، فإن رأى فيها شيئًا يبين له أن يرجع، أو يشكل عليه، أن يقف حتى يتبين له، فإن لم ير فيها شيئًا أخبره أنه لا شيء له فيها، وأخبره بالوجه الذي رأى: أنه لا شيء فيها وإن لم يفعل جاز حكمه، غير أنه قد ترك موضع الإعذار إلى المقضي عليه عند القضاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015