ولكن الحكم قد يصدر أحيانًا مخالفًا للأصول الشرعية في الظاهر والباطن معًا، فعندئذٍ يتعين نقض الحكم.
ومن الحالات التي ينقض فيها الحكم ما يلي:
أولًا: إذا صدر الحكم، وكان مخالفًا لنص في الكتاب أو السنة أو مخالفًا للإجماع فإنه يجب نقضه، ويحرم تنفيذه؛ لأن الحكم في هذه الحالة يكون ظلمًا بالقطع واليقين فيما خالف الكتاب والسنة والإجماع، وما كان بهذه الصفة كان حكمًا بغير ما أنزل الله تعالى، فيجب رده، يقول تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} (المائدة: من الآية: 45) وفي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) فعلى هذا: يكون النقض لما بان مخالفته للحق، ولم يكن موضع خلاف أو محل اجتهاد، فإن كان محل اجتهاد لم ينقض، كما إذا صدر الحكم بالاجتهاد، ثم ظهر حكم يخالفه حدث باجتهاد آخر فلا يكون هذا مع قبل الأول لنقل الإجماع على ذلك.
ثانيًا -أي من الحالات التي ينتقض بها الحكم-: إذا جرى الحكم على غير الأصول المشروعة المعتبرة لصحة الحكم، ولصدور الحكم على غير الأصول المطلوبة صور منها:
1 - ما يتعلق بذات الحكم، كعدم استكمال أسبابه وشروطه؛ كأن يصدر الحكم في حقوق العباد من غير سبق دعوى، فهذا الحكم ينقض لتخلف ما هو شرط في صحته، وهو الدعوى. وكذا لو صدر الحكم قبل الإعذار فإنه ينقض؛ لأن الإعذار شرط لصحته وعدم الإعذار حجة لنقضه، وكذا لو حكم القاضي قبل التعديل والتزكية للشهود، فإنه يكون حكمه منقوضًا لأن التعديل للشهود شرطًا لقبول الشهادة واعتبارها حجة.